هل الزواج شركة:
قد نجد في بعض الكلمات التعبير عن الزواج بأنه شركة بين الزوجين.. فهل هذا صحيح؟
ربما يقصد هؤلاء بالكلمة المعنى الذي يوحي بعدم الحرية للطرفين في ممارساتهما الحياتية كما كانا قبل الزواج.. تماماً كالشريكين في المال اللذين يفقدان الحرية المطلقة التي كانا يملكانها قبل الشركة.. فقد كان كل واحد منهما حراً في ماله يتصرف به كما يشاء ولكنه فقد هذه الحرية ـ بعد الشركة ـ فاصبح من واجبه أن يستشير شريكه فلا يتصرف بما لا يرضيه أو بما لا يتفق مع مصلحته.. وهكذا نستطيع اعتبار الزواج شركة حياة.. تربط بين حياتين من خلال ارتباط الإرادتين بتوحيدهما فلا حرية لأي منهما خارج نطاق الحقوق الزوجية المفروضة..
وعلى ضوء ذلك فالتعبير صحيح.. فإن هذه العلاقة تفرض على كل منهما التزامات جديدة إزاء الآخر مما لا يملك معه أمر الهروب منه أو الانفلات من قيوده..
أما إذا قصد هؤلاء المعنى المادي للشركة التي تجعل من الزواج مؤسسة مادية تخضع للمصالح المتبادلة، وترتكز على الوظائف المادية في هذا المجال على أساس القانون التبادلي التجاري.. فهذا ما لا نوافق عليه..
والسرّ في ذلك أن العلاقة الزوجية ارتكزت في المفهوم الإسلامي القرآني على أساس المودة والرحمة التي تمتد في حياة كل منهما امتداداً روحياً يؤكد الجانب الإنساني في حياتهما المشتركة، ويوحد الحياتين في شعور واحد عميق حتى ليتحول كل منهما إلى لباس للآخر ((هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)).
وليس معنى ذلك أن لا يكون للجوانب المادية أثر في هذه العلاقة بحيث تتحدد فيها الحقوق والواجبات.. فهناك المهر وهناك النفقة، والعلاقة الجنسية وغير ذلك من شؤون الحياة المعيشية.. ولكن مثل هذه الأمور لا تتجمد عند حدود الجوانب القانونية الإلزامية بل تأخذ لنفسها الامتداد في العطاء حتى يمارسها كل من الطرفين بدون حساب بعيداً عن كل التزامات مؤكدة.. ولكنه يفسح المجال لها لكي تنطلق بعيداً في مجال العطاء العفوي الكريم.